للإطلاع على التاريخ الكامل لمؤسسة الحق، يرجى الإطلاع على "مؤسسة الحق خلال عام ٢٠٠٤: نظرة على تاريخ المؤسسة بعد مضي٥٢٠عاماً على تأسيسها" في تقرير "في انتظار العدالة"، مؤسسة الحق، ٢٠٠٤".
قامت مجموعة من المحامين الفلسطينيين بتأسيس مؤسسة الحق عام ١٩٧٩، وذلك عقب النقاش المطوّل الذي دار حول أفضل السبل لمعالجة مشكلة انعدام توفر آليات لحماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبإنشائها، كانت مؤسسة الحق إحدى أوائل المنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان في العالم العربي.
وخلال السنوات الأولى من عملها، كان تركيز مؤسسة الحق ينحصر إلى حد كبير في تحليل الوضع القانوني لإسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب الأنظمة التي تفرضها السلطات العسكرية والحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد أصدرت مؤسسة الحق بعض الدراسات التي كتبت لأول مرة في هذا الشأن؛ حيث اشتملت هذه الدراسات على تطبيق المبادئ التي ينص عليها القانون الإنساني الدولي على الاحتلال الإسرائيلي. كما كانت بواكير الدراسات التي أعدتها مؤسسة الحق حول مواضيع معينة، مثل الاعتقال الإداري واحتكام إسرائيل إلى نظام الدفاع (الطوارئ) الذي كان نافذاً في فلسطين أثناء حقبة الانتداب البريطاني، أساسية في تشكيل النقاش الدائر حول ماهية القوانين والأنظمة النافذة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وخلال هذه الفترة، أنشأت مؤسسة الحق الوحدة القانونية، والتي قامت مع وحدة الأبحاث القانونية بتعزيز المواقف والآراء القانونية التي تتبناها المؤسسة.
وفي عام ١٩٨٦، شرعت مؤسسة الحق بتبني مشاريع خاصة تتعلق بقضايا حقوق الإنسان والتي تتميز بطبيعة خاصة، مثل حقوق المرأة وحقوق العمال. وخلال هذه الفترة، بدأ عمل مؤسسة الحق وإسهاماتها في مجال حقوق الإنسان يكتسب اعترافاً دولياً.
وعقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواخر عام ١٩٨٧، شرعت مؤسسة الحق من جديد في زيادة عدد طاقمها وذلك لمواجهة التحدي الكامن في التعامل مع الانتهاكات الناجمة عن تلك الانتفاضة. وعلى الرغم من قيام مؤسسة الحق بإنشاء دائرة البحث الميداني خلال عام ١٩٨٣، حيث أصبحت المعلومات التي كان العاملون الميدانيون يجمعونها تمثل أساساً لعمل المؤسسة، فإن دائرة البحث الميداني لم تنمُ بحيث أصبحت تضم عاملين في كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى اندلعت الانتفاضة الأولى وما تمخض عنها من مطالب لتوفير المعلومات من قبل منظمات حقوق الإنسان والنشطاء ووسائل الإعلام، وغيرها من الجهات المعنية على المستويين المحلي والدولي.
وبما لا يدع مجالاً للشك، فقد مثلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى ذروة نشاط مؤسسة الحق وعملها وإنجازاتها؛ حيث قامت المؤسسة بإطلاق عدد من الحملات المهمة خلال هذه الفترة، كما واصلت هذه المؤسسة نموّها وازدهارها بحيث تمكنت من تغطية الأوضاع في قطاع غزة. وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي، بلغ عدد الموظفين العاملين في مؤسسة الحق ٤٠ موظفاً تقريباً. ومن جهة أخرى، أتاح حجم المؤسسة إلى جانب قدراتها البشرية والمهنية المتنامية العمل على زيادة الوعي بين المواطنين حول انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما أكتسبت هذه المؤسسة اعترافاً دولياً.
وبالإضافة إلى ذلك، شكّل توقيع اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣ مرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد فرضت التغييرات التي طرأت على الوضع السياسي، والتي أسفرت عن إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، على مؤسسة الحق إعادة تقييم رسالتها. وبالرغم من عدم الاتفاق حول كيفية التعامل مع الوضع السياسي الجديد الذي تمخض عن اتفاقيات أوسلو، فقد شرعت مؤسسة الحق في التحرك قدماً للعمل مع السلطة الوطنية الفلسطينية. ومن جملة الأمور التي اضطلعت بها المؤسسة مراقبة انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الأولى التي عقدت عام ١٩٩٦، وتحليل التشريعات لضمان اشتمالها على المعايير الخاصة بحقوق الإنسان، وتدريب المسؤولين عن فرض القانون في أوساط السلطة الفلسطينية حول المبادئ الأساسية في حقوق الإنسان.
وعلى أية حال، فلم تزل بعض الأمور التي ثار حولها الجدل ولم يتم التوصل إلى حل بشأنها. وقد وصلت هذه الأزمة إلى أوجها في أواخر عام ١٩٩٦ وبداية ١٩٩٧، وقد فرض هذا الوضع على مجلس الإدارة في مؤسسة الحق التدخل وإنهاء عقود كافة موظفيها، مما أثار الشكوك حول مستقبل المؤسسة.
أما في عام ١٩٩٨، فقد عادت مؤسسة الحق إلى دائرة الضوء واستعادت عافيتها؛ حيث قام مجلس الأمناء بالمؤسسة بتوظيف طاقم جديد من الموظفين، كما تولى العديد من المسؤوليات الإدارية في المؤسسة. وبالإضافة إلى ذلك، طرأ تغيير آخر على عمل المؤسسة؛ حيث اتخذ مجلس الأمناء قراراً بوجوب تركيز عمل المؤسسة على الأبحاث القانونية وإبداء اهتمام أقل بالمسائل المتعلقة بالرقابة والتوثيق. ومن جهة أخرى، تم تفعيل عمل المؤسسة في مجال متابعة مسوّدات التشريعات التي يصدرها المجلس التشريعي الفلسطيني بالإضافة إلى مراقبة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
وحتى نهاية عام ١٩٩٩، تم منح مؤسسة الحق صفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، مما عزز من قدرة المؤسسة على العمل مرة أخرى على المستوى الدولي، وفي أروقة الأمم المتحدة على وجه التحديد. وعقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في شهر أيلول (سبتمبر) من عام ٢٠٠٠، كانت مؤسسة الحق قد وصلت إلى وضع مستقر من الناحية المالية وأتمت تفعيل كافة دوائرها؛ وبذلك كانت هذه المؤسسة على جاهزية تامة لمواجهة التحديات التي فرضتها تلك الانتفاضة مع ما رافقها من تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية التي جاءت رداً عليها، وفي هذه الفترة تمت إعادة بناء وتفعيل دائرة البحث الميداني باعتبارها عمودا فقريا لعمل الحق منذ نشأتها وحتى الآن.
وفي عام ٢٠٠٢، صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلية من انتهاكاتها ضد حقوق المواطنين الفلسطينيين من خلال شنّ اجتياحات عسكرية واسعة النطاق في معظم مناطق الضفة الغربية، بما فيها مدينة رام الله. وخلال هذه الاجتياحات، عملت قوات الإحتلال على استهداف البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية، كما اقتحمت ودمرت مئات المكاتب الحكومية وغير الحكومية. وفي يوم ٣١ آذار (مارس) ٢٠٠٢، اقتحمت قوات الإحتلال الإسرائيلية مكاتب مؤسسة الحق ودمرت معظم تجهيزاتها.
ومنذ عام ٢٠٠٢، واصلت مؤسسة الحق تركيز جهودها على إعادة بناء أنظمتها البرامجية والمالية والإدارية، كما أجرت مراجعة شاملة لغاياتها وأهدافها الأساسية، إلى جانب ماهية العلاقة بين نشاطاتها المتنوعة وبين رؤية المؤسسة ورسالتها. وبالإضافة إلى ذلك، ضاعفت مؤسسة الحق من نشاطها المتعلق بالتأثير على المجلس التشريعي الفلسطيني لتضمين معايير حقوق الإنسان في التشريعات الفلسطينية، كما ترأست المؤسسة النشاطات التي تضطلع بها منظمات حقوق الإنسان وغيرها من منظمات المجتمع المدني لضمان مشاركتها القوية في هذه العملية من أجل سن التشريعات الرئيسية حول القضايا ذات الأهمية وتعزيز قدراتها على الاضطلاع بهذا الدور.
وخلال عام ٢٠٠٤ الذي تصادف مع الذكرى الـ٢٥ لتأسيس مؤسسة الحق، أطلقت المؤسسة حملة ضد سياسة العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإرهابهم. وبالإضافة إلى هذه الحملة، أصدرت المؤسسة في ذكرى تأسيسها الـ٢٥ تقريراً بعنوان "في انتظار العدالة"؛ وهو تقرير يتضمن تحليلاً قانونياً معمقاً للانتهاكات الواقعة على حقوق الإنسان من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلية، وذلك استناداً إلى المعلومات التي يتم الحصول عليها بشكل مباشر من الباحثين الميدانيين التابعين للمؤسسة.
ومع بداية عام ٢٠٠٤، أكملت مؤسسة الحق عملية تعديل مركزها القانوني، وبذلك أصبح بإمكانها التسجيل باعتبارها هيئة غير حكومية بموجب القانون الفلسطيني رقم (١) لسنة ٢٠٠٠ بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية.
وخلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام ٢٠٠٥، فوّضت مؤسسة الحق جهات خارجية بإجراء تقييم معمق حول هيكليتها التنظيمية وسياساتها، وذلك من أجل تحديد نقاط قوتها وضعفها بالإضافة إلى التحديات الرئيسية التي تواجهها، إلى جانب تقييم أهمية ونوعية برامجها ونشاطاتها المختلفة.
وإلى جانب دراسة الهيكلية الإدارية والمالية الخاص بالمؤسسة، فقد خرج التقرير النهائي المتعلق بالتقييم بتوصيات تهدف إلى تطوير المؤسسة في المستقبل وتفعيل عملها على المستويين البرامجي والإداري التنظيمي وضمان ديمومتها المؤسساتية. وقد كان من شأن هذا التقييم تسهيل وإثراء التوصيات الهادفة لإعداد خطة استراتيجية خلال شهر أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٥ لمدة خمس سنوات أخرى تضاف إلى عمر مؤسسة الحق (من ٢٠٠٦ حتى ٢٠١٠)، وذلك فيما يتعلق بالتوجه المستقبلي لعمل المؤسسة وصلاحياتها.