لما كانت الحركة الطلابية بحضورها و مبادراتها؛و حراكها ونشاطها؛ مؤشرا على حياة الشعوب و المجتمعات، فإن الالتفاف الجماهيري الطلابي حولها داعما لصوتها، شكل رسالة قوية على أهمية تواصلها مع المجتمع الطلابي،ضمانا لاستمرارها، و تعزيزا لصورة نضالها، وهي تِؤدي أدوارها.
و على مر السنوات، شكل الاتحاد العام الطلابي الحر برصيده، وقوة تمثيله، رقما مهما في الساحة الجامعية والوطنية،و بفضل تراكم نضالا ته و بذل مناضليه، ظل وفيا لرسالته، خدمة للطالب و الجامعة، مستوعبا أدواره المختلفة بأداء متميز، و تكامل ملحوظ، ملما بأولويات كل مرحلة من المراحل دون إخلال بدوره و خطابه الطلابي، إذ لم يثنه عن ذلك جميع محاولات و مشاريع وحملات تدجين العمل الطلابي، و تشويهه واستغلاله.
كما شكلت الرؤية الطلابية في كل الأوقات و المحطات، منطلقا لتسجيل المواقف و بلورتها، وكذا التعاطي مع الأحداث و أداء الأدوار.
و باعتبار محطات المؤتمر في عرف و ثقافة التنظيمات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ، فاصلا بين مراحل سابقة وأخرى جديدة، وانطلاقة متجددة ولكن في نفس الوقت متواصلة ، تأتي لائحة المؤتمر الوطني الثامن، ورقة تستوعب التحديات وتضع المراجعات في أولويات العمل للمرحلة المقبلة ، وتحدد الخطوات، في ظل الظروف الجامعية، الوطنية، العربية، الإسلامية و الدولية القائمة و إفرازاتها.
الواقع المحيط ، التحديات، ورهانات النجاح في المرحلة المقبلة .
الواقع الطلابي الجامعي
لقد أفرزت الساحة الطلابية خلال سنوات وجود الاتحاد العام الطلابي الحر ، حضورا مميزا و قويا لهياكل المنظمة، وتواصل انتشارها و تواصلها مع الطلبة، بأشكال مختلفة توزعت بين الحضور النقابي والدور السياسي برؤية طلابية ،والنشاطات الثقافية و العلمية و الرياضية، إلا أن الحفاظ على تفاعل المجتمع الطلابي و الارتقاء بأدائه و مشاركته بات تحديا تفرضه ضرورات الاستمرار.
و حتى وإن كانت النجاحات، قد تحققت بفضل الالتحام الطلابي الجماهيري حول هياكل المنظمة، التي سعت لان تكون صوت هذه الجماهير المعبر عن آمالها وتطلعاتها ، فقد رفع ذلك من حجم مسؤولية هذه الهياكل تجاه الطلبة، و بات لزاما أن يبقى تواصلها ووفاؤها لها دائما، باعتبار الثقة أهم عوامل النجاح، و حوافز البذل و العطاء.
كما أن الخزان البشري من الإطارات و الكفاءات المتخرجة من مدرسة الإتحاد أصبح يوفر فضاءات جديدة و يتيح إمكانات و فرصا متعددة يجب على هياكل المنظمة استيعابها، و الاستفادة منها.
إن روح المبادرة التي طالما تميزت بها الحركة الطلابية الجزائرية على مر السنوات، و المطالبة الايجابية المقرونة بالمشاركة الفعالة التي تبناها الاتحاد العام الطلابي الحر، تعتريها صعوبات التنفيذ، بعد أن شاب الممارسة النقابية الطلابية غياب الفصل في إشكاليات التمثيل، تحت ذريعة تعدد التنظيمات الطلابية، و محاولة تشويه صورة النضال الطلابي في الجزائر و تدجينه، و محاولة خلق الهوة بين رواده الأصلاء، و جماهيره الطلابية.
من هذا المنطلق ، بات الحفاظ على صورة الجامعة، ورسالتها الحضارية، و تنمية الوعي الطلابي ، بما يؤهله ليكون في مقدمة المواقع - كونه ضمير المجتمع و مستقبل الأمة- من أكبر التحديات الثقافية والاجتماعية - وإن رفعته هياكل المنظمة على مر السنين-
الواقع الوطني
ترتسم هذه الأدوار، في ظرف وطني متسارع متغير ضمن مرحلة انتقالية، تميزت بالعنف و الإرهاب مرورا إلى مرحلة الوئام و المصالحة الوطنية.
و إذ سجل الاتحاد العام الطلابي الحر بصماته خلال هذا التحول، بمواقف وطنية صادقة وشجاعة ، و تضحيات جسام شهد لها الجميع ، وأهلته لنيل ثقة شرائح واسعة من هذا الوطن، فإنه اليوم مدعو إلى مرحلة جديدة .
مرحلة ، تستدعي كل الحرص والعمل ، للحفاظ على جملة المكاسب المحققة و المشاركة في صياغة معالمها ، و تدعيم التنمية على مختلف الأصعدة، وترسيخ الاستقرار الأمني ، ونبذ مظاهر الفرقة مع تعزيز معاني المشاركة، وتكريس الحريات والديمقراطية والحفاظ على الانتماء الحضاري للأمة ، وهو ما يفرض عليه إيجاد الآليات المناسبة لذلك .
كما اتسعت الهوة بين الحركة السياسية والحركة الطلابية بسبب العوائق التي تقف في وجه تطور التجربة التعددية ، وقصور النظرة للدور الذي يمكن للجامعة والجامعيين ان يلعبوه في سبيل الارتقاء بالتجربة الديمقراطية ناهيك عن الحساسية المفرطة تجاه اي دور سياسي للحركة الطلابية ، أو مشاركة فعالة للجامعة في هذا الاتجاه.
الواقع الدولي
كما أن الظرف الدولي بتداعياته لا يترك مجالا للبقاء على هامش أحداثه في زمن العولمة، والتكتلات وحراك المجتمعات المدنية ، كمفهوم فرض نفسه في المحافل .
وإن كان للاتحاد العام الطلابي الحر مواقفه و تحركاته و مبادراته المختلفة في السابق، فإن حضورا قويا خلال المرحلة المقبلة بات ضروريا، يستثمر فضاءات العمل التي توفرت خلال السنوات الأخيرة ويوحد الرؤى و المبادرات و يصوبها لخدمة القضايا، خصوصا في ظل عضوية الاتحاد في العديد من المنظمات الإقليمية و الدولية و انتقاله من مرحلة المشاركة إلى مرحلة المبادرة.
و بشكل عام فإن انجازات الاتحاد ورصيده البشري من جهة، و متطلبات المرحلة طلابيا، جامعيا، وطنيا و دوليا تقتضي إبراز رؤية جديدة للأدوار و المهام التي يجب على الاتحاد أن يتولاها.
الرؤية
الاتحاد العام الطلابي الحر مشروع طلابي هادف يرتقي بالممارسة الطلابية سلوكا وفعلا و أداء، مرتبط بموروث حضاري و رصيد تاريخي متشبع بالقيم، متفتح على الجميع، مستوعب لمختلف الأدوار، حريص على تواصله مع محيطه الداخلي و الخارجي، يقود الجماهير الطلابية بوعي ومسؤولية، و يعتبر المدرسة التي تخرج قيادات المستقبل في جميع المجالات، وهو بذلك مسؤول على مستقبل الأمة بالحجم الذي يمثله في المجتمع.