من أجل ان يكون هناك مستقبل، ولكي تترسخ اسس العدالة لهذا المستقبل، فعلى الشعب العراقي ان يسمي الاعمال الوحشية التي ارتكبت خلال العقود الثلاثة من حكم البعث باسمائها. ان الغاية المنطقية الاساسية والنهائية لمؤسسة الذاكرة العراقية هي ان الحقيقة قد تساعد على دمل جراح مجتمع عومل بقسوة سياسية على اعلى المستويات.
ان المواطنين في العراق الجديد الحر اصبحت لديهم هوية ينبغي عليهم صياغتها. والهوية تعني الذاكرة. ان الشعب الذي مسخت هويته من جراء انصاف الحقائق او من الذاكرة المحطمة التي لا يعرف منها من الملام ومن غير الملام منكب على اقتراف انتهاكات جديدة. ليس لمؤسسة الذاكرة العراقية سبب اسمى من وضع التجربة العراقية من المعاناة والظلم بين ١٩٦٨ و ٢٠٠٣ في تاريخ الكون من المعاناة والالم. ان المؤسسة تتطلع الى عمل ذلك من خلال تصوير وأرشفة قصص الافراد للالاف ممن تمكنوا من النجاة والذين شهدوا الفظائع. وتتطلع ايضا الى تسجيل مجمل وثائق النظام القديم التي تم انقاذها رقميا وفهرستها وتصنيفها والتي تكرس معانات وآلام العراقيين.
ان كلمات الضحايا هؤلاء والوثائق التي تدين مرتكبي الذنوب تكون في متناول الشعب من خلال متحف، او مشروع يكون في متناول الشعب وننوي العمل مع معلمي المدارس الابتدائية والثانوية ووسائل البحوث المتصلة بالوسائل الجامعية. ان مثل هذه المواد الحساسة سوف لن تستخدم من اجل وضع اللوم او اللعب السياسية ولكن وفق بروتوكول يوضع من خلال حكومة تتمتع بكامل السيادة والحياة الدستورية.
ان المؤسسة العراقية للذاكرة ومقرها بغداد هي ثمرة لمشروع البحوث والتوثيق العراقي الذي اسسه كنعان مكية في مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة هارفرد في ١٩٩٢. تشعر ادارة مشروع البحوث والتوثيق العراقي بعد تحرير العراق، انه من الضرورة نقل المركز الى بغداد وفي الوقت ذاته توسيع مهمتها.
في تشرين ثاني ١٩٩١ وبعيد تاسيس منطقة حظر الطيران " السماء الآمنة" في شمال العراق، سافر كنعان مكية الى شمال العراق لرؤية ارشيف الوثائق الذي سيطر عليه الثوار العراقيون. رافق مكية منتج افلام من ال بي بي سي الذي صور تحقيقا عن حملات التطهير الحكومية "الانفال" للاكراد العراقيين، كان للمعلومات التي وفرتها الوثائق الفضل الاكبر في جعل التحقيق ممكنا.
في آب ١٩٩٣ ارسل الحزب الديمقراطي الكردستاني بعض الوثائق التي كان يحتفظ بها الى الولايات المتحدة.
تم في الولايات المتحدة الامريكية تحويل الصناديق الخشبية الاصلية الى ١.٨٤٢ صندوقاً كارتونياً خاصاً بالخزن واحتوت على كل الوثائق الاصلية العراقية الرسمية، اضافة الى اشرطة وخرائط وصور فوتوغرافية. تشكل بمجموعها اكبر مجموعة مفردة من السجلات العراقية عرضت للعامة. وبعد وصولها الى الولايات المتحدة الامريكية، تم ترقيم وخزن الوثائق الكترونيا من قبل فريق من الباحثين من وزارة الدفاع عملوا مع منظمة حقوق الانسان في الشرق الاوسط والموجودة في نيويورك والمسماة "ميدل ايست ووج". أكملت منظمة حقوق الانسان عملها في خريف ١٩٩٤ .
في ١٩٩٣ قام مشروع البحوث والتوثيق العراقي (IRDP)، والموجود في مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة هارفرد بتطوير خطة لتكوين ارشيف يمكن بواسطته تنظيم وحفظ تلك الوثائق وغيرها والتي هي بحوزته اصلا ، لاغراض البحوث الطويلة الامد. تم نقل المادة الى الولايات المتحدة الامريكية – تقدر المادة بعشرة ملايين صفحة – كان قدر لها ان تشكل الجوهر لهذا الارشيف. مستفيدا من منحة في ١٩٩٣ من مؤسسة برادلي، وتبعتها منحة اضافية من الوقف الوطني للديمقراطية، بداالمشروع العراقي عمله في مقارنة المجموعة الصغيرة من الوثائق والتي هي من الممتلكات الشخصية لمكية مع المقابلات التي تمت مع المهاجرين العراقيين.
في ٢١ تموز ١٩٩٤ كتب السيناتور كليبورن بيل رئيس جمعية العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الى مكية يقر فيها ان مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة هارفرد سوف يتسلم مجموعة من الاقراص المدمجة نسخ فيها صورا من كامل مجموعة وثائق الامن العراقي والموجودة حاليا لدى الجمعية بصورتها الرقمية. في خريف ١٩٩٨ ارسلت جمعية الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ هذه الاقراص ( عددها ١٧٦ ) وبهذا تمكن مشروع البحوث والتوثيق العراقي (آي آر دي بي) من بدء صفحة جديدة من عمله.
بصورة عامة فان مشروع التوثيق العراقي سوف يوسع، دون تكرار، العمل الاساسي الذي قامت به وزارة الدفاع وجمعية حقوق الانسان "هيومن رايتس ووج" . ان من اهداف مشروع التوثيق العراقي هو زيادة الجوهر الاصلي للوثائق والتي تم تجهيزها من قبل مجلس الشيوخ مع المجموعة الخاصة للوثائق بضمنها تلك التي بحوزة كنعان مكية،
( والتي استخدمها في كتابه القسوة والصمت). ويؤمل ايضا ان صيدا آخر من الوثائق الحكومية والتي لا تزال في منطقة كردستان ولم تصل بعد الى الولايات المتحدة الامريكية ستأخذ طريقها في نهاية الامر الى الارشيف من خلال اتصالات السيد مكية.