التاريخ :
٢٨/٠٥/٢٠٠٩
التحويل في صحيح البخاري ومنهجه فيه
عنوان البحث: التحويل في صحيح البخاري ومنهجه فيه
الباحث: د. أمين محمد القضاة
تاريخ استلام البحث: ١١/١٢/١٩٩٣ م، وتاريخ قبوله ٢١/٦/١٩٩٤م، الجامعة الأردنية، مجلة دراسات. المجلد الثاني والعشرين، العلوم الإنسانية (أ) العدد الرابع آب ١٩٩٥م، ص ١٨٣١-ص١٨٤٩
ملخص البحث
يتناول هذا البحث موضوعاً مهماً يتعلق بمناهج البخاري في صحيحه، وهو موضوع التحويل، سلك فيه الباحث مسلك الاستقراء لهذه الظاهرة في صحيح البخاري، ثم استخرج مناهجه، وبين أهدافه وشروطه
وقد أظهر هذا البحث مدى دقة البخاري في التصنيف والترتيب والتنسيق، بهدف إفادة القارئ وتنبيهه إلى القضايا الدقيقة الهامة، فكشف عن فوائد ضرورية للإسناد، من أجل فهم طرق الحديث، وبين الباحث أن هذا لا يقلل من الاعتناء بالمتون، وترجع الأهمية في ذكر هذه القضايا، إلى بيان الفوائد التي لا يذكرها البخاري بصراحة. وقد تناول الباحث في بحثه المسائل التالية
معنى التحويل وآراء العلماء فيه، وعرض فيه لستة أقوال وردت في المسألة ووجد أنها جميعاً تتفق في أن هذا المصطلح رمز لبيان إسناد جديد، والتنبيه على ذلك بهذا الرمز، وأن من فوائد هذا المصطلح لفت نظر القارئ لدفع التوهم في دمج إسنادين معاً، وذهب الباحث إلى أن رأي الجمهور هو أن معنى هذا الرمز (تحويل)، وأن هذا الرأي هو الأكثر شيوعاً والتصاقاً بواقعه
ثم عرض الباحث في جداول؛ أرقام الأحاديث التي وقع فيها التحويل، معتمداً الطبعة السلفية، ومقارناً بها النسخة السلطانية، مع ذكر أماكن الاتفاق والاختلاف، فتوصل إلى وجود (١٥١) تحويلة، منها (٩٩) تحويلة متفق عليها. و(٥٢) تحويلة مختلف فيها، ثم عرض جدولاً آخر ذكر فيه مواضع التحويل ونسبتها من أجل معرفة مناهج البخاري في ذلك
أهداف البخاري في التحويل
الهدف الأول: الاختصار، وقد ظهر في ثلاثة أحوال
أ- اختصار جزء من السند ثم اختصار المتن كاملاً، وذلك بعدما يكون الرمز بعد التابعي أو من هو دونه
ب- اختصار المتن كاملاً مع ذكر كامل السند، وذلك بعدما يكون الرمز بعد النبي عليه الصلاة والسلام أو الصحابي
جـ- اختصار جزء من المتن مع ذكر باقي المتن، ثم ذكر السند كاملاً، وذلك بعدما يكون الرمز بعد جزء من المتن
الهدف الثاني: التنبيه إلى أهمية الطرق الأخرى - المتابعات - ويمكن ملاحظة ذلك في
أ- التعريف بأسماء بعض الرواة الذين وقع الاختلاف في أسمائهم
ب- بيان صيغ الأداء الدالة على التحمل، وبخاصة تلك التي ورد فيها التصريح بالسماع من أجل إثبات الاتصال أو تأكيده
جـ- إثبات سماع بعض الرواة الذين وصفوا بالتدليس
د- إظهار مدار الرواية، خصوصاً عند الزيادة أو المخالفة، من أجل التسهيل في الترجيح والاحتجاج والاستدلال
شروط البخاري في التحويل
عرض الباحث لشروط التحويل عند البخاري، وجعل ذلك في ثلاث نقاط على النحو التالي
الأول: استواء مراتب الرواة الذين حول أسانيدهم ومروياتهم لبيان علو درجتهم في الرواية، إلا في حالات قليلة، فقد يقرن الراوي بآخر تقوية له
الثاني: تساوي المتون في المعنى، فقد يكون هناك اختلاف، لكن المعاني متقاربة، أما في حالة الاختلاف فإما أن يذكر السند وجزءاً من المتن الواقع فيه الاختلاف، ثم يضع حرف التحويل، أو لا يلجأ للتحويل نهائياً
الثالث: يشترط أن يكون الصحابي في الحديثين واحداً، حتى لو كان التحويل بعد ذكر النبي e، أو بعد ذكر جزء من المتن
مناهج البخاري في التحويل
وضح الباحث منهج البخاري في التحويل، وجعل ذلك في النقاط التالية :
الأول: ما كان التحويل فيه بعد ذكر جزء من المتن، من أجل بيان الاختلاف في المعنى، أو ما يترتب عليه من حكم، فيضع حرف التحويل بعد الاختلاف
الثاني: ما كان التحويل فيه بعد ذكر النبي e، وذلك عندما يتعلق الأمر بالسند وبخاصة عند الصحابي، ولا يكون في المتن كبير اختلاف، كاختلاف صيغة الأداء الدالة على طريقة تحمل الصحابي، أو اختلاف صيغ الأداء بين التابعي والصحابي، وبخاصة عند الخوف من الإرسال أو التدليس، بحيث تصرح بعض الروايات بالسماع
الثالث: ما كان التحويل فيه بعد ذكر الصحابي، ويكون ذلك عندما تكون إحدى الروايات متصلة والأخرى مرسلة، فيذكرهما معاً لإزالة اللبس، أو أن يكون التابعي الراوي عن الصحابي متهماً بالتدليس وقد عنعن، فيذكر الروايتين معاً لنفي التدليس وإثبات الاتصال، أو أن يكون الحديث مروياً من طريق صحابي عن صحابي، وذلك خشية الوقوع في اللبس أو الوهم، وقد يجمع البخاري بين أكثر من منهج في آن واحد
الرابع: ما كان التحويل فيه بعد ذكر التابعي، ويقوم بذلك عندما يكون أحد الراويين عن ذلك التابعي ليس بمستوى رجال البخاري، فيقرنه البخاري بمن هو ثقة، أو أن يكون أحد الراويين عن التابعي قد ذكر اسمه مهملاً غير منسوب، والآخر مصرح باسمه وكنيته خصوصاً عند الخوف من وقوع الوهم لمشاركة غيره في الاسم
الخامس: ما كان التحويل فيه بعد تابع التابعي أو من دونه، وذلك عندما تكون إحدى الروايتين عالية والأخرى نازلة، وغالباً ما تكون النازلة أقوى، أو أن يروي عن شيوخه فيختلف اللفظ، فيذكر رواية كل منهما في موضع، أو أن تختلف صيغ الأداء بين الراويين اللذين يرويان عمن وضع عنده حرف التحويل
الخاتمة
وقد اشتملت على ما يلي
عدد الأحاديث التي وقع فيها التحويل هو (١٥١) حديثاً، أي ما نسبته ١.٩٩% من أحاديث البخاري
معظم حالات التحويل في السند، وكانت من أجل إظهار فوائد إسنادية
تدل هذه الظاهرة على دقة البخاري في التصنيف والترتيب، مع الحرص على تنبيه القارئ وفائدته في قضايا دقيقة
حرص البخاري على ذكر القضايا الإسنادية، لا يقلل من صورة اعتنائه بالمتون، مما يرفع من شأنه في كل المجالات
منهجه في بيان فوائد السند والمتن، يأتي ضمن منهجه في التبويب والترتيب والتنسيق، ومن ذلك التحويل
استعماله لهذا المصطلح يدل على استقراره قبله، مما يؤكد أن قواعد علوم الحديث قد عرفت دلالاتها واصطلاحاتها قبله، وأنه أحد من شارك في ترسيخها، مما يزيد الباحث ثقة بعناية الأمة وعلمائها بسنة النبي e، وأن النقل قام على قواعد علمية ناضجة وأسس موضوعية