التاريخ :
١٣/٠٤/٢٠٠٩
كيف تتعامل مع الكفيف
تقديم
على الرغم من أنا لاتصال بين المبصرين والمكفوفين هوا أمر طبيعي ومن الممكن أن يتم في غاية اليسر والبساطة والتلقائية،إلا أننا نرى ضرورة تنبيه المبصرين إلى بعض الإرشادات والملاحظات التي من شأنها أن تجعل هذا الاتصال مريحاً للطرفين
إن كثير من المشاكل والعقد التي يحس بها الكفيف لا ترجع إلي إصابته بكف البصر بقدر ما ترجع إلى طريقة معاملة من حوله له، ونظرة المجتمع إليه، كأن ينظروا إليه نظرتهم إلى شخص حكم عليه بالعجز مدى الحياة وانه غير قادر على القيام بأشىء مهما كان بسيطاً، وأن يظنوا أن فقد البصر يؤدى إلى فقدان مقدرة الإنسان على القيام بشؤونه الخاصة
ولا ينبغي أن يتبادر إلى أذهان المبصرين أن التعامل مع المكفوفين يحتاج إلى دراسة متخصصة أو تدريب مكثف ، وإنما هو أمر يحتاج فقط إلي الانتباه إلى مثل هذه الملاحظات والإرشادات ومراعاتها، فهي -على بسطتها- من الممكن أن يكون لمراعاتها أثر بالغ الأهمية على نفسية الكفيف،مما يسهل عليه الحركة في المجتمع والاتصال بالآخرين
فالكفيف يقابل أفراد لهم اتجاهات مختلفة نحوه، فمنهم من يتهرب من مجالسته ،ومنهم من يبدي له ؟إشفاقاً ويرثي لحاله، ومنهم أولئك الذين ملئت قلوبهم رحمه،فينظرون إليه نظرتهم إلى شخص عاجز يستحق المساعدة
وقد تتوفر الرغبة لدى الكثيرين في مساعدة الكفيف،لذا فإن من المفيد أن يتعرف خلالها تقديم هذه المساعدة على نحو مريح وصحيح ،وعن الوقت المناسب لتقديمها، حتى لأتأتى هذه المساعدة بعكس النتيجة المرجوة
المكفوفين ليس كلهم سواء
من المبادئ الأساسية في هذا الصدد أنه ليوجد اثنان من المكفوفين يتشبهان في كل صفاتهما، فالاشتراك في فقد البصر ليتبعه اشتراك في الميول والقدرات، لأن لكل مكفوف فرديته، ولكل صفاته واستجابته الخاصة وتتوقف هذه الاستجابات على عوامل كثيرة ترتبط بحالته النفسية والانفعالية، وظروف إصابته ومدى التدريب الذي ناله في صغره، ومدى تكيفه مع المجتمع والاعاقه لذا فإنه وإن كانت هناك قواعد عامة للاتصال بالمكفوفين، الأ أنها تختلف في وسيلة التطبيق بالنسبة لكل مكفوف تبعاً للعوامل التي ذكرناها
عند استقبال الكفيف
من المعروف أن الابتسامة لها أثر كبير عند مقابلة أي شخص والتعرف عليه أما مايخص المكفوفين فإننا نجد المصافحة تعتبر مكملاً للابتسامة ، فالكفيف يستطيع أن يعرف شعورك عند مصافحتك له، فكلما كانت المصافحة حارة دل ذلك على عمق شعورك وإحساسك تجاهه، وقد أعجبني قول أحد المكفوفين حين قال ضغط على يد الكفيف يفتح لك قلبه وهذه حقيقة واقعة
وإذا قابلت كفيف وقدمت إلى كفيف لأول مرة فتحدث، إذ عن طريق الحديث يستطيع معرفة كثير من المعلومات عنك مثل :سنك وشخصيتك وحالتك المزاجية والنفسية، كما أن حديثك هذا سيمكن الكفيف من توجيه انتباهه إليك لأنه سيعرف مكانك عن طريق الصوت
لاتحاول أن تختبر الكفيف بأن تسأله أن يخمن اسمك، لأن هذا قد يحرجه، إنه يستطيع معرفتك بسهولة إذا كنت دائماً معه، ولكن لايكفى أن يكون قد قابلك مرة أومرتين ليتذكر صوتك فيما بعد، ومن المستحسن في هذه الحالة أن تذكر له اسمك إذا قابلته
إذا قدمت كفيفاً إلى أشخاص مبصرين فعليك أن تذكر له أماكنهم بأن تقول مثلاً الأستاذ محمد على يمينك، أو السيدة سعاد أمامك، فبهذا يستطيع الكفيف أن يوجه نفسه إلى الاتجاه الصحيح إذا أراد التحدث إلى أحدهم
عند مجالسته
عندما تقدم كفيفاَ إلي آخرين لأول مرة فإن من العوامل المساعدة على تعارفهم أن تذكر لكل منهم شياً عن الآخر؛ لأن ذلك يساعدهم على بدء الحديث
إذا دخل كفيف مكاناً كنت فيه مع أشخاص آخرين، فعليك أن تعرفه على من معك إذا كان عددهم قليلاً من الممكن تقديمهم له، أما إذا كان العدد الموجود كبيراً فيكفى أن تعرفه بالغرض من وجودهم (اجتماع مثلاً) وإذا كان له أصدقاء من بين الموجودين فيمكنك أن تخبره بذلك
إذا دخل كفيف إلى مكان كنت موجوداً فيه مكتب مثلاً لغرض مقابلتك فإنه لن يستطيع معرفة مكانك بسهوله، ولذلك ينبغي أن تساعده على معرفة مكانك بأن تبدأ معه الحديث حال دخوله الحجرة وتستمر في هذا الحديث مستخدماً عبارات الترحيب مثلاً ليستطيع معرفة مكانك من صوتك ويمكن أن ترشده إلى المقعد
إذا كنت جالساً مع كفيف واضطررت إلى الخروج، فيجب أن تشعره بخروجك، وإذا كان جالساً مع مجموعة وخرج أحدهم فنبه الكفيف إلى خروجه حتى لا يوجه إليه الحديث ضانا ًوجوده
عندما تدعوا كفيفاً إلى الجلوس عادى الكرسي فلا تمسك بذراعه وتجذبه نحو الكرسي لأن هذا خطاء، بل ضع يده على ظهر المقعد واتركه يجلس بنفسه
أبعد عن طريق الكفيف ما يسبب له الإصابة والضرر عندما تدخل مكاناً فيه كفيف فعليك أن تبادره بالتحية حتى يشعر بدخولك ولا يصح أن تدخل بهدؤ ثم تفاجئه بالحديث، لأن ذلك يفزعه خصوصاً إذا كان يشعر أنه وحده في الحجرة، كما يجب ألا تفاجئ الكفيف في أثناء سيره بأن تضع يدك فجأة على كتفه، فقد يكون مشغولاً بالتفكير في شئ ما، وهذه الحركة تفزعه مهما كانت العلاقة بينك وبينه
عند محادثته
لا ترفع صوتك عندما تتحدث مع كفيف واعلم أن الكفيف لا يختلف عن أي شخص آخر وأن الحديث بصوت عال يتسبب في مضايقته
عندما تتحدث مع كفيف ابتعد عن استعمال الكلمات التي تحمل معنى العطف أو الرثاء أو التدليل
لا تحاول التكلف في الحديث مع الكفيف، ولا تجهد نفسك في اختيار الكلمات التي تظن أنها مناسبة لحالته، وإذا ذكرت انظر أمامك مثلاً فلا تتراجع أو تتأسف، بل استمر في الحديث بطريقة عادية، وتأكد أن الكفيف لن يتضايق منك إذا كنت قد استعملت الكلمات التي تشير إلى الإبصار
في الطريق
عندما تسير مع كفيف فلا تمسك بذراعه؛ لأن ذلك معناه أنك تدفعه عند السير، بل اتركه يمسك بذراعك، وبذلك يتبع حركتك بدون عناء
إذا اضطررت لأن تدع رفيقك الكفيف ينتظرك في الطريق، فلتتركه إلى جانب شجرة أو حائط أو عمود حتى يشعر بالأمان
العصا البيضاء ترمز إلى أن حاملها كفيف، وإذا شاهدته يرفعها إلى أعلى على حافة الطريق فلتوقف سيارتك لتتيح له فرصة العبور
وإذا كنت تتحدث مع مجموعة من أصدقائك في الطريق ورأيت أحد المكفوفين قادماً فالصحيح أن يستمر حديثكم، لأن الكفيف يسترشد بصوتك في معرفة اتجاهه، وتوقفكم عن الحديث قد يشعره أن هناك من يراقبه، أو أن حالته قد استرعت انتباهكم
إذا رأيت كفيفاً يعبر الطريق فأوصله إلى الجانب الآخر لتجنبه الخطر
عند مرافقه
عند صعود سلالم لا بأس أن تخبر الكفيف بقرب السلم ولكن الأفضل أن تقف برهة قبل أو تنزل، وطبيعي أن الكفيف يشعر أنك وقفت أو قصرت من خطوتك، وبعد ذلك تبدأ صعود السلم ، ويتبعك طالما أن يداه في ذراعك .. وإذا لاحظت أن هناك عقبات أو حوافز بالطريق فينبغي أن تقوم بوصفها للكفيف مع بيان كيفية اجتيازها
وعند ركوب سيارة أوحافلة أو قطار ينبغي أن تتقدم الكفيف وتتركه يلامس كتفك، وعند النزول تستطيع أن تقدم يدك له ليستعين بها أو تضع يده على مقبض الباب
عند خروجك مع كفيف في نزهة أو رحلة أو زيارة، عليك أن تقوم بوصف الأماكن الهامة، لتساعده بهذا على معرفة طريقه فيما بعد
وعند مساعدة كفيف على ركوب سيارة لا تقل له : أخفض رأسك أو أدخل من هنا وغير ذلك من الإشارات، بل يكفي أن تمسك بيده وتضعها على أعلى باب السيارة وهذا يمكنه من معرفة ارتفاع الباب، فيقوم بالركوب لوحده
أذا كنت ترافق مكفوفاً في رحلة، فلتصف له معالم الطريق، كأن تصف المنطقة التي تمرون بها فيما إذا كانت جبلية أو رملية... الخ وملامح العمران على جانبي الطريق إن وجدت مسجد، جسر، قرية، ....الخ
إذا كنت في رحلة جوية مع مكفوف يركب الطائرة لأول مرة، فلتصف له مرافق المطار، وأبعاد الطائرة بالتقريب وما يتخذ في الطائرة من إجراءات من قبل المضيفين والطاقم، وأزرار الخدمات في أعلى الكرسي ...وما إلى ذلك
لا... لا
لا تتحمس عند إبداء إعجابك بما يفعله الكفيف خصوصاً في الحالات العدية، لا تجعله يشعر بأنك تنظر إليه نظرة شخص عاجز وأن هذه الأشياء البسيطة خارقة للعادة، فمثلاً لأتقل له صحيح أنك ذهبت إلى منزلك وحدك دون مساعدة؟ بل عليك أن تشجعه عادى أن يقوم بمختلف الأعمال بجهده الخاص
إذا لاحظت أن ملابس الكفيف متسخة، أو أن هناك شيئاً غير طبيعي في هندامه، فلا توجه إليه هذه الملاحظة أمام الناس بل يجب أن تكونا عادى انفراد
إذا قام الكفيف بعمل شئ وسألك عن رأيك فيه فعليك أن تجيبه بصراحة، وأعلم أنه يستفيد من ملاحظاتك في تحسين أعماله فيما بعد، فإذا قام بكتابة شئ على الآلة الكاتبة وعرضه عليك لإبداء رأيك فيه، فصارحه بما في عمله من صواب أوخطا، ولكن بطريقة لبقه،ولا تجامله بأن تقول له : إنها خالية من الأخطاء
يجب أن تعلم أن كل مساعدة تقدمها للكفيف هدفها تمكينه من الوصول إلى قراراته بنفسه ومن الخطأ أن نساعد الكفيف على ارتداء ملابسه،أ و تبدى له ملاحظات عن أخطاء موجودة، ونتقدم لتصحيح هذه الأخطاء، بل يجب أن ننبه الكفيف إلى الخطأ الموجود ليقوم هو نفسه بتصحيحه
إذا كنت تقوم بوصف معلم ما للكفيف فاهتم بالأشياء التي يرغب في معرفتها، كما يجب أن يكون شرحك وافياً ومحدداً، فمثلاً لا تقل:أرى أمامي حديقة جميلة -فهذا ليس بكاف، وإنما عليك أن تقول -إن هناك حديقة فيها زهور متنوعة، وأشجار كبيرة ومساحتها كذا" وإذا كان بالإمكان أن تتيح له فرصة تحسس بعض الأشجار أو النبتات (جذوعها أو أوراقها ) فلتفعل ذلك
لا تبالغ في تعبيرك عن الاستمتاع بالمناظر الجميلة، حتى لا تشعر الكفيف بالحرمان من الاستمتاع بهذا الجمال الذي تصفه
إذ قرأت لكفيف فلا تتطوع بالشرح والتعليق.
لاحظ أن حاسة السمع من عوامل إدراك الكفيف لما حوله، فلا تحدث أصوات غير ضرورية لئلا يرتبك
لا تظن أن الكفيف عاجز كلياً، إنه لا يبصر ولكنه يستطيع القيام بكل الأمور التي لا تعتمد على الإبصار، لقد قال البعض :إن كف البصر قدرة لا عجز وهذا قول لا يجانب الحقيقة، إذا لاحظنا قدرة الكفيف على استغلال حواسه الأخرى استغلالا أمثل
تقديم المساعدات للكفيف
هناك بعض الأشخاص من ذوى القلوب الرحيمة يحبون راحة الكفيف فيقمون نيابة عنه بكل شئ، وهم لايعلمون أنهم يحرمونه فرص النمو واكتساب الخبرات، ومن الواجب أن يعلموا أن الهدف الأساسي من مساعدة الكفيف ينبغي أن يتمثل في تمكينه من القيام بنفسه بشؤونه الخاصة، ويجب أن نعلم أن كف البصر ليس معناه العجز الكلى، بل إن الكفيف يستطيع القيام بأشياء كثيرة إذا توفرت الرغبة، وقوة العزيمة، والوسط الاجتماعي المتفهم الواعي
الخــــــــاتمه
أيها القارئ الكريم
بعد هذه الجولة السريعة في ربوع الجمعية نأمل أن نكون قد وفقنا في صورة حية وواقعية عن نشاطها وإنجازاتها
والواقع أننا نعتبر أن ما حققناه أنما هوا جزء من المشوار الطويل الذي نسعى لقطعه وننحن نخطو خطى رسختها التجربة للسير قدماً متطلعين نحو تطور أمثل وتقدم أشمل ومواكبة لمستجدات تربية وتأهيل المكفوفين من حيث النظم والإجراءات والتقنيات
ذلك أن طموحاتنا تكبر كلما حققنا شيئاً منها